الرئيسية / مهرجان الشعر / “لولا السراب لما صمدنا”

“لولا السراب لما صمدنا”

د.محمد موسى

 

 

 

 

 

قصيدة الدكتور محمد موسى ـ مهرجان الشعر ـ بعلبك

لا نفْهَمُ الاشياءَ إلا حينَ يعلُونا الترابْ

هكذا قالَ المُسَافرُ حينَ شدَّ حقائِبَ المنفى…
و أومأَ باسمًا للسائِقِ الغجريِّ و اعتزمَ الذهابْ …
ثمَّ احتمى بسحابةٍ وأتى وأنشدَ واصفًا شيئًا خفيًّا…
هكذا اقتربَ الخيالُ مِنَ الحقيقةِ…
فانتشى اللا شيءُ في عجبٍ و غنَّى أنَّهُ الآتي…
و آزرَهُ الضبابْ!

قل ثمَّ تابَعَ: يا صديقي،
ربَّما كانَ المرادُ مِنَ الحياةِ بأنْ نعيشَ كغيرِنا…
لكنَّنا لم نستطِعْ ان نُقنعَ ال”ايغو” بداخِلِنا…
فابتدأنا الحربَ “سهوًا” واستفقنا في ضياعٍ…
في خطانا و افترقنا في الخرابْ …

قل هكذا:
بتنا نقاتلُ بعضَنا
و نحطِّمُ الاشياءَ فوقَ رؤوسِنَا…
ظَنَّا بأنَهُ فوقَ كوكَبِنا إلــهٌ يستلذُّ القتلَ عمدًا في سبيلِ الجنةِ الاولى
كما قالَ السراب..

يبكي السراب يقول لي…

يبدو علينا أنّ في كلِّ الحروبِ قضيةً مخفيةً عرضيةً..
تقضي بأن يقضي الضعيفُ على الضعيفِ لكيْ يعيشَ قويُّها
و يمازحَ الشرَّ الذي فينا فنهنأَ ثم يأخذنا العتابْ!!
وكأننا لم نستمِعْ قولَ النبيِّ “تأنسنوا”
عُهرًا… نصوغُ لنفسِنَا الأسبابَ كيما…
نستطيعَ بجهلِنا أن لا نعيشَ كغيرِنا في عالمِ الاغرابْ…

قل رُبَّمَا كانَ السلامُ كقولِ نيتشِهْ في البَشَر:
عشقوا السلامَ لكي يكونَ مجددًا لحروبِهِم…
ولكي يكونوا قائمينَ على الحجرْ…
أكذوبةٌ كبرى هوانا يا سماءُ تريثي
ولتسمعي منا الجوابْ!!

لو أننا حقاً أردْنا العيشَ في أوطانِنَا
لم نسترقْ صوتَ الغرابْ!
لو أنَّنا حقا يؤرقنا الغيابُ اذا ابتعدْنا ما اكتفينا بالعتابْ!

لو أنَّ حَرْباً لم تكنْ عبثيةً…
فَلَمَا اجتمعنا مرةً أخرى على أجسادِ قتلانا
و لوّنا بضحكتِنا عناقيدَ الترابْ…

لو أنَّنا ابناءُ هذي الارضِ حقًّا
لاقتحمْنا كل أسوارِ الغيابْ!!
لو أننا بشرًا خُلِقْنا لاكتفينا بالحياة حياة بدر…
نصفُهُ الانوارُ ضوءًا و الجمالُ معينُه…
والنصفُ ليلٌ مشرقٌ في فهمِ فلسفةِ السرابْ!!

“لولا السراب لما صمدنا”*
قالها القديس يوما فاستفيقي أمتي!!
إن كنتَ لسْتَ اليومَ حرًا…
فاستقِلْ من كونِكَ الانسانَ واذهَبْ…
وابتغي في العيشِ هرًّا أو جمادًا او غرابْ!!

لنْ نفهَمَ الاشياءَ إلا…
حين يعلونا التراب!!

د. محمد موسى

شاهد أيضاً

كلمة الكاتبة ماجدة ريا في مهرجان الشعر الثالث في بعلبك

بسم الله الرحمن الرحيم واالصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين وصحبه المنتجبين. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *