الرئيسية / أبحاث / كلمة الدكتور لؤي زيتوني

كلمة الدكتور لؤي زيتوني

اسم الوردة11

تعليق حول

قراءة د. علي زيتون لرواية “إسم الوردة”

لأمبرتو إيكو

د. لؤي زيتوني

كاتب، محاضر جامعي ومصحح دولي

ما لا شكّ فيه أنّ نقد الرّواية الحديثة وفق منهجٍ حديث عمل شائك ومعقّد للغاية، والأكثر تعقيداً هو الكلام على روايةٍ لناقدٍ يملك ناصية القراءة الحديثة للعمل الرّوائيّ ويعدّ علماً من أعلام تلك القراءة وبعض مناهجها. من هذه الزاوية يمكن أن ننظر إلى القراءة التي قدّمها لنا الدّكتور علي زيتون لرواية “اسم الوردة”، هذا العمل الشّهير لعالم السّيميائية الإيطاليّ “أمبرتو إيكو”. عدا ذلك، فإنّنا نستطيع أن نقع في قراءته للرّواية على الملاحظات الآتية:

يجد أوّلاً الباحث أنّ الرّواية تتوزّع على منهجين في قراءة العالم: السيمائية والتفكيكية، وبالتّالي في قراءة ما يحيط بالشّخصيّة المحوريّة والرّاويّ. ومن ذلك إمعان شخصيّة غوليالمو في تفسير علامات الوجود على نحوٍ يبدو منطقيّاً في الغالب، واعترافه في بعض لحظات الرّاوية بأنّ تفسيره مبنيّ أحياناً على التّقدير أو التّخمين. وهو ما يعني نقداً لفكر الحداثة القائم على العقل المحض أو العقل الخالص. وهذا ما يدخلنا في ملاحظة أخرى وقع عليها الدكتور زيتون، وأعني التقاء إيكو مع فكرة كانط في نقد العقل الخالص، لجهة جعل العقل غير قادر على فهم الرّموز ووعيها إلاّ من خلال الدّربة والتّعليم، وأحياناً بناءً على التّقدير.

ويعضد ذلك الحضور الكثيف للعلامات التي تتجاوز 200 رمزاً في الرّواية، وتصنيف العلامات إلى دالّة ومضلّلة، ما يدلّ على تشظٍّ  للفكر المتلقّي، وتشتيتٍ لأحاديّة المنهج القارئ لها. وهذا ما يؤدّي، في نظر د. زيتون، إلى الوقوع على رؤية إيكو التي تقوم على غياب المحور النّاظم، الأمر الذي يعني الابتعاد عن فكرة مركزية العقل Logcentrisme التي تشكّل أساس فكر الحداثة.

إضافةً إلى ذلك، يرى إلى ربط النّظرة إلى الوجود بالرّموز والإشارات لا بالكلمة أو اللغة، الأمر الذي يفيد، حسب الباحث، نقداً للفكر الدّينيّ عند إيكو، لأنّ هذا الأخير يجعل البدء للكلمة.

وفي محصّلة  ذلك كلّه، يصل إلى استنتاج من رواية إيكو يشير إلى أنّ العودة للتّاريخ في الأدب هدفها قراءة تأويلية تربط الماضي بالحاضر، وهي تكمن عند الرّوائيّ داخل هذه الرّواية في نقد فلسفات التّقديس لله أو للعقل- ونقد السّلطة الدّينيّة والعقليّة وأي سلطة مركزيّة.

تبقى الإشارة إلى مسألتين لم يجب عنهما البحث، أو ربما تجاوزهما عن عمد. وأعني في المسألة الأولى عدم التّطرّق إلى علاقة العنوان بالتوجه السيمائيّ التّفكيكيّ للرواية، ولا نجد أي نظرة مباشرة إلى دلالات العنوان أو تأويلاته. أمّا المسألة الأخرى فترتبط بعدم الدّخول في جوانب دلالات النار على وجه الخصوص وإحراق المكتبة في النّهاية، بمعزلٍ عن دلالة النّهاية بشكلها العامّ، لا سيّما أنّ للنار علاقة وثيق بالمنحى الإيمانيّ ومفهوم العقاب.

ومهما يكن من أمر ذلك، فإنّ القراءة تبقى عملاً غنيّاً وعميقاً في آن، نظراً إلى التمكّن الذي نراه واضحاً من المنهج الذي يمتلكه الدّكتور زيتون، وأعني السيميائيّ الثّقافيّ، ونظراً لعمق الثّقافة التي يتميّز بها؛ فضلاً عن رؤيةٍ متبصّرةٍ إلى الثّقافة التي ينطلق منها الرّوائيّ، وعن وعيٍ بخطورة العمل السّرديّ وعمق تأثيره. لذلك فإنّها قراءة تستحقّ التّوقّف عندها بتأنٍّ والإفادة ممّا تقدّمه لنا إن على مستوى المقاربة الموضوعيّة للرّواية ولجانبها الفنّيّ الابداعيّ أو على مستوى الخوض في الفكر الذي تقدّمه من منطلق الانتماء الواعي والنّقدّيّ في الوقت عينه.

شاهد أيضاً

ندوة “عاشوراء نبضة الألم ونهضة الأمل” في معهد المعارف الحكمية

شارك الملتقى الثقافي الجامعي في ندوة أقامها عصر يوم الإثنين في 11 أيلول 2023 معهد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *